تقرع نادية صبحي طبلة صغيرة بقطعة من خرطوم مياه وهي تنادي على سكان منطقة قلعة الكبش بالقاهرة كي يستيقظوا لتناول طعام السحور. وتصحب نادية (55 عاما) ابنتها نوال ويتجولان في شوارع منطقة قلعة الكبش بحي السيدة زينب كل ليلة لتحيي عادة عرفتها شوارع القاهرة لمئات السنين.
تقول نادية التي ورثت هذه المهنة عن أبيها المسحراتي يجدد فرحة الجيل الجديد ويجعله يتذكر أيام زمان... الناس تكون سعيدة وعندما أصل أول يوم من شهر رمضان يقولون لي كنا في انتظارك.
ومنذ سبع سنوات ومع ثبوت هلال شهر رمضان تقيم نادية وابنتها خيمة في قلعة الكبش تعيش فيها طيلة الشهر الكريم على احسان اهالي المنطقة.
يقول احد سكان المنطقة ويدعى محمد رمضان كل سنة هو المسحراتي.... هناك المنبهات والتليفونات المحمولة لكن لا غنى عن المسحراتي. وتتفق معه ابنتها نوال الناس لا تشعر بشهر رمضان من غيرنا ... الناس معتادة من سنين على ان تستيقظ على صوت طبلة المسحراتي.
ولكن حاليا وبخاصة مع تزايد عدد المصريين الذين بامكانهم مشاهدة القنوات الفضائية وخاصة الشباب منهم يسهرون حتى طلوع الفجر وبالتالي لا يبقى لصوت طبلة نادية ونداءاتها فائدة تذكر.
وقال أحد سكان المنطقة هذه المهنة انقرضت نهائي بصراحة. يعني حاليا مع عصر الفضائيات لا أحد ينام. المسحراتي حاليا ... ليس له اي فائدة.
ولكن في الوقت الذي تخرج فيه نادية وابنتها نوال الساعة الثانية بعد منتصف الليل ليقرعا الطبلة في الشوارع المظلمة لمنطقة قلعة الكبش يكون هناك عدد من سكان هذه المنطقة يغطون في نوم عميق وعندما يسمعون صوت الطبلة يطلون من الشرفات يغلبهم النعاس ولكنهم يشعرون بالامتنان لنادية التي نبهتهم لتناول وجبة السحور. وتعترف نادية بان مهنتها شاقة وتقول ليس هناك مهنة أصعب منها. ارهاق لاعصابي وقدماي وصوتي. مع نهاية شهر رمضان يذهب صوتي تقريبا.
وتقول نادية انه برغم انها ورثت المهنة عن والدها فممارستها للمهنة يختلف عن الطريقة التي كان يؤديها بها والدها والدي كان ينادي على الاشخاص باسماء آبائهم وكان يقرنها بابتهالات دينية على ايقاع نقراته على الطبلة اما هي تنادي على اطفال الحي فحسب وربما تترنم ببعض الاهازيج القليلة والبسيطة.
وتقول نوال (18 عاما) التي من المتوقع أن ترث المهنة عن والدتها إنه مهما يطرأ من تغيرات تكنولوجية فان الناس لن يشعروا بقدوم شهر رمضان الا مع دقات طبلة المسحراتي. فشرفات المنطقة المظلمة تضيء حثيثا وتنبعث فيها الحياة بعد دقات والدتها على الطبلة ونداءاتها على السكان الذين يطلون عليها ليحيوها كصديقة قديمة.